آخر التعليقات


احببت ان احدتكم عن نفسي من اكون
احببت ان احدثكم عن قصتي في غاية الروعة
كن ضمن المستفدين علي المدونة
احببت ان احدثكم عن كل مواهب لدي
achzid
......

ترميم قصر أسا


ترميم قصر أسا




* الموقـــــــــــــــع الجغرافـــــــــــــــــي :

قبل الحديث عن حدود موقع قصر آسا لابد من الإشارة في البداية إلى أننا لا نسعى إلى تحديد حدوده تاريخيا ، بل في الوقت الحالي باعتباره جزء لا يتجزأ من مدينة آسا التي تقع في الجنوب المغربي و بالضبط جنوب شرق وادنون على بعد حوالي 110 كلم من مدينة كلميم شمالا ، و ينتمي إلى حوض درعة .

يتخذ قصر آسا شكل هلال مسايرا بذلك الوحدات التضاريسية التي بني عليها و المجاورة له



يتخذ قصر آسا شكل هلال مسايرا بذلك الوحدات التضاريسية التي بني عليها و المجاورة له ، حيث يقع فوق تلة مرتفعة يبلغ ارتفاعها حوالي 200 متر ، و يتحكم شكل انتظام مجرى الوادي في الحد من توسع القصر في اتجاه الشمال و الشرق فيبقى يتوسع على شكل هلالي ، و يفصل الوادي ما بين القصر و المدينة الحديثة التي تحده من الشمال و الشرق ، أما من جهة الغرب فتحده بداية سلسلة جبال باني ، و تحده من جهة الغرب الحمادة 
   
قصر اسا معلمة بين الاصيل والترميم :  
      


لقد شكل قصر أسا قلعة للعديد من الفخدات التي استقرت فيه لعقد من الزمن لمجموعة من العوامل من بينها: كونه مسقط رأس العديد من العائلات، والكثير من الأولياء، ثم توفره على شروط استمرار الحياة، إذ أن معظم أهالي القصر حسب الرواية الشفوية، تعتبر واحته مصدرا للثروة الحياتية، لاشتمالها على الأراضي الخصبة التي كان السكان يعيشون من خيراتهم ومن ما تنتجه من تمور وقمح، وشعير إلى غير ذلك، كما أن الازدهار الذي شهده القصر من مواسم تجارية ودينية وثقافية هو عامل آخر على استمرار الحياة، بحيث أن هذه المواسم شكلت ملتقى اجتماعي لأهل القصر واندماجهم مع باقي الثقافات وتفتحهم بدورهم على قصور ومدن أخرى بغية النهوض باقتصاد القصر وأهله، وكسبهم خبرات تفيدهم في حياتهم كتعليم أبناء القصر تعليما دينيا، إلا أن القصر المزدهر قديما، أصبح عبارة عن مباني مهدمة، وبيوت محطمة، وأشلاء قليلة تؤرخ لتاريخ غني ومزدهر من خلال طريقة البناء وتناغمه، وذلك بسبب نزوح معظم الأهالي إلى مدينة أسا التي تمثل المجال الحضري، هذا النزوح الذي كان لعدة أسباب، من خلال الرواية الشفوية للنازحين من القصر إلى المدينة، أولها، توفر مدينة أسا على معظم المرافق الإدارية والتعليمية ثم توفرها أيضا على وسائل الراحة، كمصادر الطاقة الكهربائية والمائية، على عكس القصر الذي كان يعتمد على التعليم التقليدي في الزاوية، والوسائل الحياتية التقليدية، كما أن توالي سنوات القحط والجفاف جعل أراضي الواحة جافة مفتقرة للعطاء والإنتاج المساعد للنمو والعيش، الشيء الذي دفع بالأهالي إلى البحث عن مناصب شغل بالمدينة، تساعدهم في التغلب على الحياة ومتطلباتها، ثم تعليم أبنائهم الديني الذي كان يدرس في الزاوية والمساجد.
     إلا انه رغم كل هذه الأوضاع المزرية التي آل إليها القصر، ما زالت بعض العائلات ترفض النزوح عنه، وهي متشبتة بتاريخها واصلها، وبالرغم من تهدم القصر وتلاشي بعض أجزاءه، فهو لازال يشكل معلمة تاريخية وأثرية تؤرخ لسكان أسا الأولين والأقدمين، وفي هذا الإطار ولترسيخ هذه الأهمية ابتدأ مشروع ترميم القصر حيث تجندت مختلف فعاليات ومؤسسات المجتمع المدني بمدينة آسا بما فيها الجمعيات. فبدأت عملية الترميم المتابعة من طرف وكالة الجنوب والممول من طرف مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية بمبلغ 3900.00 درهم ، وقد أشرف على هذا المشروع المهندسة سليمة الناجي بتعاون مع جمعية قصر أسا، وهذا الترميم الذي شمل إلى حد الآن، ترميم السور الذي يحيط بالقصر لحماية وضمان وحدته، ثم سور المعمورة (المقبرة) ومسجد سيدي الوالي كما شمل المسجد العلوي "تمزكيدا أوفلا " وما زال الترميم مستمرا، إلى أن يتم إكمال القصر كليا، وقد ضم هذا المشروع ما يفوق تسعين عاملا، وحسب الجهات المسؤولة عن هذا المشروع، فالترميم حافظ على نفس معمار القصر القديم وهو المعمار الحجري فالحجارة هي المادة الأساسية في الترميم، وقد لاقى هذا المشروع استحسان القاطنين بالقصر إلى حد الآن فترميم القصر في نظرهم يعني إعادة وبث الحياة في القصر من جديد، وحسب ما قاله احد المسؤولين عن هذا المشروع "عيد الأساوي فالترميم سيشمل بيوت العائلات القاطنة، هذا طبعا بعد موافقتهم، أما في حالة رفضهم فإنهم يتسلمون المبلغ المحدد لكل دار في القصر ويبقى رهن تصرف أهل الدار.


         يعتبر قصر آسا كشاهد عن أحوال الإنسان و إبداعه بحكم المعمار و الآثار التي خلفها الإنسان به ، فقصر آسا من بين المعالم التاريخية التي تشيد و تشهد على نوع مميز من المعمار بالمغرب.
          لموقع قصر آسا أهمية إستراتيجية ، تبرز من خلال هيئة أبعاده التي كانت تصل إلى ثمانية أبراج متناسقة ، بالإضافة إلى سور يحيط به من جهته الشمالية ،هذا علاوة على الأبواب الخارجية ذات مصراعين سميكين من العود تفتح على محاور ملسعة بالمسامير ،تفتح و تغلق بنظام داخلي تنظيمي لا يمكن الإخلاء به ، هذه المميزات التي تخص القصر تجعل منه أقدم بناء أثري بمجمل الضفة الغربية بالصحراء على الأقل،و يمكن أن نزيد من الإستدلالات لتوضيح هذا التاريخ التليد للقصر بوجود عادات و تقاليد و طقوس قديمة يرجع أكثرها إلى ديانات وثنية و حضارات قديمة و معتقدات لها علاقة بالطبيعة و الواقع و التي يستند أغلبها للخيال و الخرافة ، أعتمد في القصر على الحجارة في البناء و التشييد حيث يتموقع في أعلى صخرة عمودية وحدته مع الكتلة الرمادية.


* تجليات المآثر العمرانية بالقصر:
        يطفى الطابع المعماري على قصر آسا ويشكل نموذجا للقصور الصحراوية التي تبنى بجانب الواحة ، و بذلك يستمد مواد بنائه من المحيط القريب و يعكس دقة و خبرة سكانه , من خلال استعمال الطين و الخشب كمواد أساسية في البناء و التعمير و هي أهم المواد المستعملة
في بناء أبرز المعالم التاريخية بالمغرب و هذا ما يزيد انسجام و تماسك الأشكال الهندسية الفرعية لهيئة القصر الخارجي الذي اكتسب التنفيذ الدقيق في طرق البناء و التشييد ، مما أكساه حلية مزينة بالأشكال المتناسقة الأبعاد و المتمثلة في الأزقة و الأبواب , و كذا في الدروب و الأبراج و المحيطة بسور خارجي من جهة الشمال و التي تعرف تواجد قبائل إدا ومليل و الجنوبية موطن قبائل إدا ونكيت ,
  * رغم هذا  التقسيم المتعارف عليه إلا أن قبائل القصر بشقيه كانت مرتبطة فيما بينها إلى حد كبير ، و من ابرز مظاهر هذا الترابط سنهم لقوانين و ضوابط يعمل بها الكل و تسري على الجميع انطلاقا من " أمغار " نفسه ، فترابط ساكنة القصر يظهر لنا أيضا في مجموع مظاهر الحياة ككل بمختلف تجلياتها خاصة الاجتماعية منها ( التقاليد و العادات ) و الدينية ( الدين و المذهب ) و كذلك الاقتصادية بالاعتماد على الفلاحة كأهم مصدر للعيش ، هذه المظاهر المختلفة و المتنوعة التي تبين لنا وحدوية المكان رغم الاختلاف في بعض الخصوصيات المتميزة للبعض.
* أسوار و أبراج قصر آسا : 
          يضم قصر أسا مجموعة من الأبراج يبلغ عددها سبعة ، رغم أن بعضها اندثر مع الزمن إلا أنها لازالت راسخة في الذاكرة الجماعية لساكنة قصر أسا ، و لعل أهم قاسم مشترك بين هذه الأبراج هو شكلها الحالي باستثناء برج أحشاش و كون معظمها تتخللها منزلقات من الأحجار الكبيرة المختلفة الأشكال و الملساء مثل برج " ن بزيز" ، برج  "ن باها"  ، برج " ن ايت اوحايك " ، و بصفة عامة فأبراج القصر و الموجودة أساسا في القسم الشمالي و المتميز بكونه مشيد على أعلى تله يصل ارتفاعها إلى حوالي 200 متر ، و هو ما يفسر طريقة البناء الحجري الذي اكسبه جمالية طبيعية ،و فيما يلي جرد لأهم تلك الأبراج : 
* برج اند بزيز 
* برج احشاش 
* برج اند عبيد الله 
* برج نابت حانت  
* برج اند باها
* برج اند بحمان 
* برج نتضو حانت 



أما الأسوار و كما ذكرنا سالفا لا يتعدى سورا واحدا يحيط بالجهة الشمالية للقصر    ( اداومليل) حيث يمتد من برج أحشاش وصولا إلى مسجد " اداومليل " ، و هو بمثابة الحصن الحصين و المنيع الذي يحمي القصر من أي خطر أو تطفل أجنبي عليه ، و يتميز هذا السور بقصر طوله من الداخل و طوله من الجهة الخارجية مما يسهل على أهالي القصر رؤية المنطقة من الداخل ، و قد شيد أساسا لسبب دفاعي ، و كما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته إلى أن الإنسان " لما حيل إليه من الفكر من عواقب أحواله ، لا بد أن يفكر فيما يدفع عنه الأذى من الحر و البرد ..." كما أن لهذا دور أخر هو رد قوة الرياح التي يتعرض لها القصر بحكم تواجده على قمة الجبل ،      و ينحدر طول السور بانحدار الجبل و كذا المنازل المتواجدة به 

بعــــــــد الترمـــــــــــــيم
الأســــــــــــوار: قبـــــــل الترميــــم        
    
*  أهم الأبواب و الأزقة : 

 كل الأشياء في الحياة لها ركيزة ومميزات ملازمة لها و العمران من بين تلك الأشياء التي لها مميزات لصيقة به ، و باختلاف أماكن تشيده ، فأي مدينة مهما تقلصت أو اتسعت مساحتها إلا و لها مميزاتها ، كطرق البناء و مكوناته و الأبواب من بين هذه المكونات التي تميز بها البناء المعماري ، و قصر أسا غني بها ، حيث نجد مجموعة من الأبواب الرئيسية و الثانوية ، و يبلغ عدد أبواب الرئيسية ثمانية أبواب أهمها : 

* إمي ندرب أكرام : نسبة إلى احد ساكنة القصر الشرفاء .
* إمي ندرب اهراسن : نسبة إلى قبيلة اهراسن التي تسكن بها . 
* إمي تندرت اداومليل : مدخل يؤدي إلى خارج احشاش 
* إمي تندرت اداونكيت : مدخل يؤدي إلى السوق تتخلله مجموعة من الدكاكين 
* إمي إمي : مدخل الرئيس المؤدي إلى ساحة البرج .
* إمي نسوق : يوجد بالقسم الشمالي يؤدي أيضا إلى السوق .
* إمي نتمزكيدا : يوجد قرب مسجد اداومليل يحده السور . 
هذه الأبواب الرئيسية هي منافذ إلى القصر لها أوقات خاصة تفتح و تغلق بنظام داخلي تنظيمي لا يدخل منها إلا الخواص ، أي من يسكنون به.





* مراحل الترميم :

  أعطت الانطلاقة الأولى لمشروع ترميم القصر في 25 فبراير 2006 ، هذه الانطلاقة التي ستعرف في الأول ترميم كل الأملاك الجماعية بالإضافة إلى كل الجوانب المتعلقة بالبنيات التحتية و المرتبطة بالكهرباء و قنوات الصرف الصحي و الماء ، و في الشطر الثاني سيتم تمويل المشاريع المدرة للدخل بشراكة مع الساكنة . هذه الشراكة التي ستندرج في سياق الإشراك الحقيقي و الفعال لساكنة القصر ( مالكي المنازل ) ، في هذه العملية ، إن هذه الشراكة تهم بالأساس بعث الحياة لهذه المعلمة و رد الاعتبار لها . 

إن ساكنة القصر رغم تواجدهم في المدينة الجديدة إلا أنهم جد مرتبطون بالقصر و مكوناته ( الواحة ، الموسم السنوي ، المساجد ) آذ نجد جلهم يسكنون أماكن قريبة منه رعاية لمصالحهم
الخاصة بهم ، هذا ما يجعلهم جد متحمسين لهذه العملية الإصلاحية المهيئة من طرف وكالة الجنوب للتنمية ، حيث وضعوا ثقتهم بها ، رغم بعض التخوفات التي يعرفها البعض و العائدة بالأساس إلى اعتقادهم الخاطئ بان ذلك قد يؤدي إلى خسارتهم لأملاكهم بسلبهم إياها من طرف الدولة . 
مرت عملية الترميم بمجموعة من المراحل منها : 
ترميم الأسوار : بفعل عوامل الزمن تعرض سور القصر للدمار الكامل ، حيث اختفت معالمه تقريبا ، باستثناء بعض البقايا ، هذا السور الذي كان يمتد من برج " احشاش " وصولا إلى مسجد " اداومليل " ، إلا أن معالمه ظلت راسخة في الذاكرة المحلية للساكنة المحلية ، رغم اختفائها في الوقت الحاضر ، فتم فحص بقايا أحجار جدرانه القديمة التي بنيت في وجهة دائرية في اتجاه الواحة ، و استعملت بعض الأحجار المنهارة و الجاهزة المتواجدة بالموقع في البناء و مزج الأتربة مع بعض المواد كالجير و الاسمنت لتثبيت الأحجار و بناء و تشييد السور . 
ترميم الأبراج : تم ترميم الأبراج المتميزة بندرتها وأول برج تم ترميمه هو برج " احشاش " ، هذا الأخيرالذي تعرض للهدم منذ القدم ، و لم توجد له أي صورة جاهزة من قبل،وتم الاعتماد على الذاكرة المحلية كمرجع أساس لإعادة ملامحه لترميمه ، حيث اعتمدت الروايات الشفهية لكبار السن من ساكنة القصر،لاستكمال الأوصاف العامة لشكل البرج التقريبي ، فقد استعان المختصون بتقنيات البناء التقليدي بالإضافة إلى بعض المواد المحلية كالأحجار و الأتربة و الخشب مع إدخال بعض المواد الحديثة التي تضمن تماسك عناصره و كذلك كضمان لسيرورة و دوام الأبنية المشيدة و بمشاركة أفراد محليين مختصين في البناء التقليدي بالمنطقة . 
و في مرحلة موالية تم ترميم السور المحيط بالمقبرة المتواجدة بالقصر و التي تعتبر كأكبر مقبرة بالمدينة ككل ، حيث تم هدم السور المبني بالياجور الإسمنتي و تشييد بديل بطريقة اللوح التقليدي إلى جانب ترميم مسجد " اداومليل " هو الآخر الذي تعرض للدمار و الخراب منذ القدم .


صور لبعض المأتر داخل القصر قبل وبعد الترميم
* رؤية تقييمية للترميم :

رغم الحديث المتزايد عن تأهيل قصر أسا وكثرة المتداخلين والتسويق الإعلامي الذي صاحب التدشين الفعلي لبعض الأشغال المحدودة بالقصر المذكور، إلا أن الحصيلة المنجزة على ارض الواقع لم تكن في مستوى الخطاب الإعلامي الذي حاول أن يجعل من القصر قطب جذب سياحي لا مثيل له في الجنوب .

إذ لم يتم تأهيل حتى حدود الآن  ولو عشر مساحة القصر ولم يتم البدء سوى في إنجاز جزئي ل 8 دور ضيافة، لازالت متعثرة تنتظر اشطر الدعم الذي يأتي أو قد لا يأتي،كما تم الانتهاء من برج واحد فقط بالإضافة إلى ترميم ضريح الولي الصالح "سيدي الوالي" بإداومليل و مسجد " تمزكيدا اوفلا" المسجد العلوي للقصر ومسرح لم يعرفه القصر في الواقع فالكثير من الشيوخ الذين استجوبناهم لم يقر ولو واحد من عينة تمثيلية جاوزت 600 شيخ بوجود مسرح عبر تاريخ القصر الممتد في الزمان،كما أن الترميم لم يلامس عمق القصر بمساجده ومزارات أولياءه ومقابره، بل لم يتم احترام الهندسة المعمارية لفضاءات البيوت، وثم إدخال معمار هجين موجه للسائح كمنتوج سياحي لم يراع خصوصية القصر وتاريخه وعلائقه الاجتماعية وقيمه الحضارية.


          كما يلاحظ أن الزخم الإعلامي بل حتى الاهتمام الرسمي بالقصر قد خفت في السنة الأخيرة لأسباب نجهلها.



0 التعليقات: